الإنسان بين عقل القرد ومخ النملة

2 محرم 1439 هـ                       23 سبتمبر 2017 م


قد يبدو هذا العنوان تهكمياً ولكنه ليس بالفعل كذلك

قرأت اليوم مقالة عن عقل القرد وكيف أن الإنسان في العصر الحديث يتحرك عقله كالقرد الذي يقفز من شجرة إلى أخرى ثم إلى مكان عالٍ ثم بسرعة إلى مكان منخفض

فعقل الإنسان مع التقدم العلمى ووسائل الإتصال الحديثة وكمية المعلومات المفيدة والتافهة منها لا يسعه إلا أن يتشتت في خضم هذه الوسائل وهذا السيل الجارف من المعلومات بحيث لا يستطيع التركيز على شئ واحد أو مهمة معينة مفيدة

وتنبه المقالة أن هذه الحقيقة المفزعة يجب أن تكون واضحة بالنسبة إلينا جميعاً ، حيث إن ضياع الأوقات وتشتت الذهن في المجالات المختلفة هو ضياع فعلي لحياة الإنسان وعمره الذي لا يستطيع فعلياً تعويضه بأي حالٍ من الأحوال

وما فكرت فيه اليوم هو مدى صحة هذه المقالة وعمق ما تحتويه من حقيقة مفزعة لنا جميعاً 

وتذكرتُ مقالة قرأتُها من قبل أن الإنسان لا ولن يستطيع التركيز الشديد على شئ واحد فقط ومهمة محدودة طوال حياته ، فهو ليس نملة 

أي أن الإنسان لديه من المهمات والإهتمامات المتعددة ما يجعله قادر على التكيف والمواكبة المواقف الإجتماعية والحياتية المختلفة

فكما تقول المقالة : " لن تستطيع أن تركز على شئ واحد فقط طوال حياتك فأنت لست نملة "

فالإنسان لديه من المهارات والمواهب المتعددة ما يؤهله للقيام  بالعديد من الوظائف والمهام

وأيضاً بالنسبة للميول والشغف هناك العديد من البشر لديهم الكثير من الميول المختلفة والتي يستطيعون التفوق فيها جميعاً

فهناك الكثير من الأشخاص في التاريخ الماضي والمعاصر من له مهارات رياضية وعملية وفنية

والأشخاص ذوي التعليم ذو الطبيعة المهنية أو التقنية والتي قد يُعتقد أنهم بعيدون كل البعد عن الجوانب الأدبية أو الفنية قد يكون لهم مثل هذه المواهب كالكتابة والرسم والشعر

بدأتُ في دراسة كورس على موقع كورسيرا 

Coursera

يتحدث عن تغيير العقل خلال مراحل العمر والحياة المختلفة

Mind Shift

يخبرك هذا الكورس أن المهارات والدراسات والوظائف المختلفة التي قد تكون درستها في حياتك

حتى وإن لم تكن ذات علاقة أو صلة مباشرة بما تفعله أو تدرسه أو وظيفتك الحالية فليس معنى ذلك أن هذا الماضي قد تم إهداره أو أن هذا الوقت قد ضاع من حياتك

بل على العكس فإن هذا الوقت قد استفاد به عقلك وساعده بطريقة ما ليصبح على ما هو عليه اليوم حتى وإن لم يكن ذو علاقة مباشرة بما أنت عليه اليوم

والشئ المضحك والذي يدعو للتفكير في نفس الوقت هو اكتشافي -أثناء كتابة هذه المقالة- لهذا الكتاب الذي يتحدث عن نفس الموضوع لنفس الكاتبة مؤلفة الكورس على موقع كورسيرا

Mind Shift


واستنتاجي المتواضع حول هذه النقطة اليوم هو أن الإنسان بحاجة ماسة للتركيز على ما يفعله أو ما يقرأه وخاصة في هذه الأيام التي تكثر فيها وسائل تشتيت الإنتباه والتركيز بحيث أن هذه الوسائل للمعلومات أصبحت هي نفسها وسائل التشتيت والإلهاء

وهذا التركيز الشديد ينبغي أن يكون في الفترة المحددة التي يمارس فيها هذا الشخص المهمة المحددة كالقراءة في مقالة معينة أو إكمال كتاب معين


حتى إذا أنهى الإنسان هذا الكتاب أو هذه المقالة فإنه يستطيع أن يبدأ في كتب أو نقالة أخرى أو أن يوجه اهتماماته كيفما شاء طالما استطاع التركيز أو التحكم في عقله وطريقة توجيهه بأسلوب بناء


وبالطبع فإنني تبعاً لنصيحتي لنفسي أولاً فإنني لن أبدأ في قراءة الكتاب قبل أن أنتهي من الكورس أولاً